من قصص القرآن ( بقرة بني إسرائيل )
صفحة 1 من اصل 1
من قصص القرآن ( بقرة بني إسرائيل )
دعوة .. وعناد
عاش بنو إسرائيل فى مصر بعد وفاة نبي الله يوسف عليه السلام وأنجبوا ذرية كبيرة .. وجاء أولادهم .. ثم احفادهم .. ثم أحفاد
الأحفاد ونسوا ماكان عليه أجدادهم من عبادة الله الواحد .. وخالفوا منهج آبائهم ..وسعوا فى مصر فساداً حتي ضاق بهم فرعون مصر
وغضب عليهم فأخذ منهم اموالهم وأرضيهم وأذلهم واستعبدهم وسخرهم فى الأعمال الشاقة والحقيرة .. وظل بنو إسرائيل فى هذا الذل
والهوان أعواماً طويلة ..
وذات ليلة رأي فرعون مصر فى منامه أن ناراً أقبلت من ناحية الشام حتي وصلت إلي مصر وأحرقتها فجمع الكهنة ورجال الدولة وسألهم
عن تفسير ذلك فأخبروه أن غلاماً سيولد فى بني إسرائيل يكون سبباً فى هلاك فرعون وضياع ملكه .. فأمر فرعون بقتل كل ذكر يولد
فى بني إسرائيل فلما فعل ذلك قل الذكور فيهم .. وخشي المصريون ألا يجدوا من يخدمهم ..
فطلبوا من فرعون أن يدبح من يولد من الذكور عاماً ، ويتركهم عاماً ففعل ذلك فولد هارون فى عام المسامحة الذي لا يقتل فيه الأطفال
بينما ولد بعده موسي فى عام القتل فخافت عليه أمه .. فوضعته فى صندوق وألقت به فى نهر النيل .. فسار الصندوق فى النهر حتي
استقر عند قصر فرعون .. فرأته السيدة آسية فأخذته .. وطلبت من فرعون ألا يقتله .. فوافق دون أن يعلم أن هذا الطفل هو الذي
سيكون هلاك ملكه علي يديه ..ثم بحثت آسية للطفل عن مرضعة .. فجاءت أمه وأرضعته دون أن يعلم أحد أنها أمه .. ثم تربي
موسي في قصر فرعون مع السيدة آسية حتي صار شاباً قوياًُ ..
وذات يوم رأي موسي رجلين يتشاجران إحداهما مصري والآخر من بني إسرائيل ، فاستغاث الاسرائيلي بموسي فوكز موسي المصري فقتله
خطأ فندم موسي علي ذلك وتاب إلي الله ولكنه علم أن فرعون وجنوده لن يتركوه وأنهم يبحثون عنه ففر هارباً إلي مدين .. وهناك رأي
فتاتين تسقيان الغنم فسقي لهما ، فأرسل إليه أبوهما يستدعيه ليكرمه فجاءه موسي فزوجه الرجل إحدي ابنتيه ، وعمل موسي معه عشر
سنوات وبعدها أخذ أهله وخرج من مدين يريد العودة إلي مصر .. فلما وصل عند جبل الطور أنزل الله عليه الوحي وكلمه وجعله
رسولاً إلي بني إسرائيل وإلي فرعون وقومه ، وأخبره أن أخاه هارون سوف يكون معه ، فهو نبي ورسول مثله .. فذهب موسي عليه
السلام إلي هارون وذهبا معاً إلي فرعون ودعا موسي عليه السلام فرعون وطلب منه ان يترك بني إسرائيل ، وأراه الآيات والمعجزات التي
أيده الله بها ، حيث أراه العصا التي تنقلب حية بقدرة الله وأخرج له يده فرآها بيضاء ناصعة تخالف لون جلده الأسمر ولكن فرعون كذب
موسي ورفض دعوته وحاربه وراح يعذب كل من آمن به من المصريين أو من بني إسرائيل ..
هلاك فرعون
ظل فرعون فى عناده وكبره .. ولم يؤمن رغم الآيات التي رآها .. وادعي أنه إله من دون الله .. فأمر الله عز وجل موسي
عليه السلام أن يخرج بقومه من مصر ليلاً فجمع موسي عليه السلام قومه ذات ليلة وقد استعدوا للرحيل وخرجوا متوجهين ناحية البحر
الأحمر قاصدين أرض الشام فلما علم فرعون بذلك غضب أشد الغضب وجمع جنوده وأسرع يعدو خلف موسي عليه السلام ومن معه ..
ومع طلوع الشمس كان المصريون قد اقتربوا من بني إسرائيل فخاف أصحاب موسي وقالوا : إنا لمدركون ..
فقال لهم موسي عليه السلام : لا يوحي إلي تخافوا ولا تفزعوا وتوكلوا علي الله إن كنتم مؤمنين واعلموا أن معي ربي سيهدين وسوف
يوحي إلي بطريق النجاة . فأوحي الله عز وجل إليه أن يضرب بعصاه البحر فانفلق البحر بإذن الله وسار الماء علي اليمين والشمال كأنه
جبلان عظيمان بينهما طريق يابس فأمر موسي بني إسرائيل أن يعبروا الطريق فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين وعندما خرج أخر واحد منهم
إلي كان جيش فرعون قد اقترب من البحر فظن فرعون أن الطريق ممهداً له أيضاً فاقتحم بفرسه فى ذلك الطريق فلما رأته الجنود قد سار
فيه ساروا وراءه حتي أصبح أولهم قريباً من الشاطئ الشرقي واخرهم قريباً من الشاطئ الغربي ..فأمر الله عز وجل البحر أن يعود كما
كان فأطبق عليهم المساء من كل مكان فغرقوا جميعاً ولم ينج منهم إنسان ثم أمر الله عز وجل البحر أن يقذف جسم فرعون خارج الماء
ليكون عبرة لكل ظالم متجبر بعده .. ونجي الله عز وجل موسي ومن آمن معه .
المجتمع الجديد
بعدما خرج موسي عليه السلام ببني إسرائيل من مصر اتجه بهم إلي الشام ، وبدأ فى تنظيم المجتمع الجديد .. فراح يعلم قومه شرائع
الدين الحنيف ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر .. وقد لاقي منهم الكثير والكثير من التعب والمشقة والجهل والعناد وذلك بسبب فسوقهم
وحبهم للضلال والفساد ..ومحاولتهم الدائمة للخروج عن منهج الله ..
وقد مكث بنو إسرائيل فى الشام سنوات وسنوات وكثرت فيهم الشرور والأثام فكثر فيهم الزني والربا والقتل والسرقة .. فلما رأي موسي
كثرة القتل ، اتفق علي أن يتحمل دية القاتل أقرب الناس إلي مكان القتيل فإذا رأي قتيلاً قريباً من ديار قوم أغرمهم ديته .. وإذا وجد
قتيلاً بين قريتين قاسوا المسافة بينهما .. فإلي أيتهما كان أقرب غرمت ديته ..
وكان في بني إسرائيل جماعة صالحون لما رأوا كثرة الفساد في قومهم اعتزلوهم .. وبنوا لأنفسهم مدينة خاصة بهم .. وكانوا إذا جاء
الليل لم يتركوا أحداً منهم خارج المدينة ..وأغلقوا عليهم باب المدينه حتي لا يتهمهم أحد بسوء .. فإذا ما أصبحوا خرجوا وعايشوا
الناس فى البيع والشراء حتي يمسوا .. ثم يعودون إلي مدينتهم فى سلام وأمان ..
جريمة قتل
كان
فى بني إسرائيل شيخ كبير اسمه عاميل ، يملك الكثير من المال .. وليس عنده
إلا ابنة واحدة ..وكان هذا الرجل شديد البخل والحرص .. يتعامل بالربا ..
ولا
ينفق من ماله أبداً .. وكان بنو أخيه فقراء ، لا مال لهم .. فكان لا
يعطيهم شيئاً وكان أحدهم اسمه أحيحة ، وكان يحب ابنة عمه عاميل وهي تحبه
وكان يريد أن يتزوجها
ولكن عاميل رفض أن يزوجها
له ، وطرده من بيته وأهانه ، فاغتاظ أحيحة وحقد علي عمه ، زتمني موته ..
فوسوس له الشيطان بأن يقتله وزين له ذلك وأوحي إليه أنه إذا قتله
سوف
يرث ماله ويتزوج ابنته .. فراح يدبر كيف يقتله دون أن يعلم أحد ..فذهب
إليه ذات ليلة وطلب منه أن يذهب معه إلي المدينة المجاورة لأن بعض التجار
ينتظرونه
هناك وسيعطيه نظير ذلك الأموال التي
يأخذها منهم ليتاجر لهم فيها .. فوافق عاميل طمعاً فى المال .. وخرج معه
.. فلما اقتربوا من مدينة الصالحين قتله أحيحة
ووضعه
علي باب تلك المدينة الصالحة .. وذلك ليتحملوا ديته ..واختفي هو خلف شجرة
..فلما جاء الصباح فتح أهل المدينة الصالحة باب المدينة ، فوجدوا القتيل
علي
الباب .. ففزعوا .. وانتشر الخبر .. فأسرع أحيحة وأخوته إلي مكان عمهم
عاميل .. واتهموا أهل المدينة الصالحة بأنهم قتلوه .. ولكن اهل القرية
أقسموا
بالله انهم لم يقتلوه .. فزاد النقاش والإتهام بينهم .. وكادت أن تكون
فتنة كبيرة .. وحمل الجميع السلاح .. وكادوا ان يقتتلوا .. فقام شيخ كبير
من بني
إسرائيل وحجز بين الفريقين .. ومنعهم
من القتال وقال لهم : ياقوم ضعوا السلاح ، لا يقتل بعضكم بعضاً ، إن بيننا
كليم الله موسي عليه السلام فلنذهب إليه ، ونطلب منه
أن
يكلم ربه ليخبرنا بمن قتل عاميل . فوافق أهل المدينة علي ذلك الرأي وحاول
أحيحة أن يرفض ذلك الرأي ، وقال : لن يعلم موسي شيئاً ولن يعرف القاتل ،
ولاشك أن أهل
هذه المدينة هم الذين قتلوا عمي ،
فقد وجدناه مقتولاً علي باب مدينتهم ، ولكن الرجل الحكيم قال له : بل نذهب
إلي نبي الله موسي عليه السلام ، فرب موسي يعلم ويعرف القاتل
وموسي
لا يكذب فلم يستطع أحيحة أن يفعل شيئاً ، ووافق جميع الحاضرين علي ذلك ،
فاصطحبهم الشيخ إلي حيث يوجد نبي الله موسي عليه السلام ليطلبوا منه أن
يدلهم علي قاتل
عاميل حتي تنتهي هذه الفتنة الكبيرة ..
الغلام اليتيم
حينما
حدثت فتنة قتل عاميل كانت هناك أسرة مؤمنة من بني إسرائيل تتكون من غلام
يتيم وأمه وكان والد الغلام قد توفي .. وترك زوجته ليس عندها غير بقرة
كانت ترعي في
المراعي والحدائق .. فقد اشتراها
الرجل قبل موته ، وقال لزوجته :لقد اشتريت هذه العجلة لابننا نربيها له ،
فإذا ما كبرت انتفع بها فلما شعر الرجل بدنو أجله قال لزوجته:
إنني
أشعر أني سأموت وأنت لن تستطيعي أن ترعي العجلة بعدي فأري أن تذهبي بها
إلي المراعي البعيدة وتتركيها وديعة عند الله الذي لا تضيع ودائعه وسوف
يحفظها الله لابننا
حتي يكبر فإذا كبر فأبلغيه بأمر البقرة واطلبي منه أن يبحث عنها ، فسوف يجدها إن شاء الله ..
فلما
كبر الغلام قالت له أمه : يابني تعال .. اجلس بجواري فجلس الشاب بجوارها
فضمته إليها ومسحت علي رأسه وقالت له : يابني إن أباك قد اشتري لك عجلة
وأنت
صغير قبل أن يموت وأخذ يرعاها حتي تقدمت
به السن ولم يستطع أن يرعاها وشعر بدنو اجله فتركها لك وديعة عند الله
وأطلقها فى الحدائق والمراعي ، وسأل الله أن يحفظها لك
فاذهب
يابني وابحث عنها ، فقد تجدها ببركة والدك وبركة رضاى عنك فقال لها الشاب
: وماذا كان لون هذه العجلة ياأمي ..؟ فقالت له : كانت صفراء لامعة فخرج
الشاب إلي المراعي والوديان يبحث عن بقرته الصفراء ..
جدل .. ومراوغة
سار
الشيخ الكبير مع بني إسرائيل إلي موسي عليه السلام ليطلبوا منه أن يخبرهم
عن قاتل عاميل فلما وصلوا إليه قال أهل القتيل : يانبي الله إن وجدنا عمنا
مقتولاً عند باب مدينة
هؤلاء القوم .. فلابد
ان نأخذ ديته منهم . فقال أهل المدينة : يانبي الله ، قد عرفت أننا
اعتزلنا الناس ، وابتعدنا عن المعاصي والشرور ، والله ماقتلناه ولا علمنا
من قتله
فقال الشيخ الكبير : ياموسي انت نبي
الله وكليمه فسل لنا ربك ان يبين لنا القاتل ..فقام موسي عليه السلام ودعا
الله عز وجل أن يخبره عن القاتل فأوحي الله إليه أن يأمرهم
بذبح
بقرة قال تعالي : وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا
قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ .. البقرة 67 .
فلما
أمرهم موسي عليه السلام بذلك اعترضوا وقالوا : ياموسي نسألك أن تدعو ربك
يخبرنا عمن قتل عاميل وأنت تأمرنا بذبح بقرة أتسخر منا ياموسي ..؟
فقال
موسي عليه السلام : ياقوم إني رسول الله إليكم لا يجوز لي أن أسخر بكم .
فقالوا: إذا كان ربك يأمرنا بذبح بقرة ، فما هي هذه البقرة إن البقر كثير
فاطلب
من ربك ان يحدد لنا البقرة التي يريد أن يذبحها .
وهنا
عرف موسي عليه السلام ان قومه يريدون الجدال والمراوغة ويحاولون العصيان
والهروب من أمر الله لأنهم لو أرادوا الطاعة لذبحوا أي بقرة فكان يكفيهم
ذلك ولكنهم كعادتهم
دائماً ..أهل غدر وجدال
ومراوغة .. وتأكد موسي عليه السلام أنهم بذلك يشددون علي أنفسهم ..
وبالتالي فسوف يشدد الله عليهم فذهب موسي عليه السلام وسأل الله
أن
يحدد لهم البقرة المراد ذبحها فأخبره الله عز وجل أنها بقرة متوسطة العمر
ليست كبيرة السن ولا صغيرة السن ، قال تعالي : قَالُواْ ادْعُ لَنَا
رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا
بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ
مَا تُؤْمَرُونَ ..البقرة 68 ..
فلما أخبرهم
موسي عليه السلام بذلك وجدوا ان البقر المتوسط العمر كثير فوقعوا فى حيرة
شديدة ، وسألوا أنفسهم : أي بقرة تكون فى هذا الكم الهائل من البقر
المتوسط ..؟
ثم عادوا يسألون موسي عليه السلام
ويقولون له : ياموسي إننا وقعنا فى حيرة كبيرة نريد تحديداً أكثر من ذلك
أسأل ربك يبين لنا ما لون البقرة المقصودة ..
البقرة الصفراء
سأل
موسي عليه السلام ربه للمرة الثالثة أن يحدد لهم لون البقرة ، فاخبره الله
عز وجل أنها صفراء اللون .. فلما أخبرهم بذلك وجدوا البقر الأصفر كثير
أيضاً فإزدادت
حيرتهم وأحسوا بالندم وعادوا
يسألون موسي عليه السلام أن يحدد لهم البقرة تحديداً أكثر من ذلك وقالوا
:قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ
تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ .. البقرة
70 .
فلما قالوا : إن شاء الله . حدد الله عز
وجل لهم البقرة تحديداً دقيقاً لا ينطبق إلا علي بقرة واحدة فأخبرهم أنها
بقرة لا تعمل ، فلا تحرث الأرض ولا تسقي الزرع سالمة
من
العيوب ، ليس لديها فيها لون يخالف لونها الأصفر ، قال تعالي : قَالَ
إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ
تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ .. البقرة 71
فلما حدد لهم ذلك قالوا الآن جئت بالحق ثم قاموا يبحثون فى المراعي والوديان عن هذه البقرة ..
وأثناء
ذلك كان الشاب يبحث عن بقرته .. فرأي بقرة صفراء واقفة لا تتحرك .. وفيها
نفس المواصفات التي ذكرتها له أمه .. فاقترب منها .. فلم تخف ولم تهرب
وظلت
مكانها كأنه صاحبها الذي تأنس به .. فأمسك بقرنها .. وسار بها .. فسارت
معه حتي وصل بها البيت ، فرأتها أم الغلام وعرفتها ، وقالت : الحمدلله الذي
رد
علينا وديعتنا هذه بقرتك وبقرة أبيك وفى اليوم التالي .. خرج الغلام
بالبقرة إلي المراعي .. فرآها بنو إسرائيل .. ووجدوا الأوصاف تنطبق عليها
تماماً فأسرعوا
إلي الغلام وطلبوا منه ان
يعطوه أحسن بقرة يختارها علي أن يترك لهم هذه البقرة ، ولكن الغلام رفض
فطلبوا منه أن يذهب معهم إلي نبي الله موسي عليه السلان فوافق ، وذهبوا
جميعاً إلي موسي عليه السلام ومعهم بقرة الغلام الصفراء ..
إحياء القتيل
وجد
موسي عليه السلام أن بقرة الغلام هي صاحبة الأوصاف المطلوبة فقال للغلام :
أعطهم بقرتك .. فقال الغلام : يانبي الله أنا يتيم ، وهذه البقرة هي كل
مالى وأنا أحق
بمالي .. فقال له موسي عليه
السلام : صدقت . ثم قال للقوم : أرضوا الغلام . فلم يرضي الغلام إلا بوزن
البقرة ذهباً فغرم بنو إسرائيل ذلك المال جزاء عنادهم
وجدالهم .. واخذ الغلام الذهب مكافأة من الله علي طاعته وطاعة والدية الصالحين ..
ثم
أوحي الله عز وجل إلي موسي عليه السلام ان يذبحوا البقرة ويأخذوا منها
جزءاً ويضربوا به القتيل ، ففعلوا فأحيا الله عز وجل القتيل .. فقام والدم
يسيل منه وأخبرهم أن
الذي قتله هو ابن أخيه
طمعاً فى ماله والزواج من ابنته .. ثم مات مرة أخري .. فأمسك بنو إسرائيل
بالقاتل ، ورجموه بالحجارة حتي قتلوه ..وكانت قصة البقرة هذه
معجزة عظيمة من المعجزات ، تدل علي قدرة الله عز وجل الذي يحيي الموتي وهو علي كل شئ قدير قال تعالي :
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ
فَقُلْنَا
اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .. البقرة 72-73 ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
عاش بنو إسرائيل فى مصر بعد وفاة نبي الله يوسف عليه السلام وأنجبوا ذرية كبيرة .. وجاء أولادهم .. ثم احفادهم .. ثم أحفاد
الأحفاد ونسوا ماكان عليه أجدادهم من عبادة الله الواحد .. وخالفوا منهج آبائهم ..وسعوا فى مصر فساداً حتي ضاق بهم فرعون مصر
وغضب عليهم فأخذ منهم اموالهم وأرضيهم وأذلهم واستعبدهم وسخرهم فى الأعمال الشاقة والحقيرة .. وظل بنو إسرائيل فى هذا الذل
والهوان أعواماً طويلة ..
وذات ليلة رأي فرعون مصر فى منامه أن ناراً أقبلت من ناحية الشام حتي وصلت إلي مصر وأحرقتها فجمع الكهنة ورجال الدولة وسألهم
عن تفسير ذلك فأخبروه أن غلاماً سيولد فى بني إسرائيل يكون سبباً فى هلاك فرعون وضياع ملكه .. فأمر فرعون بقتل كل ذكر يولد
فى بني إسرائيل فلما فعل ذلك قل الذكور فيهم .. وخشي المصريون ألا يجدوا من يخدمهم ..
فطلبوا من فرعون أن يدبح من يولد من الذكور عاماً ، ويتركهم عاماً ففعل ذلك فولد هارون فى عام المسامحة الذي لا يقتل فيه الأطفال
بينما ولد بعده موسي فى عام القتل فخافت عليه أمه .. فوضعته فى صندوق وألقت به فى نهر النيل .. فسار الصندوق فى النهر حتي
استقر عند قصر فرعون .. فرأته السيدة آسية فأخذته .. وطلبت من فرعون ألا يقتله .. فوافق دون أن يعلم أن هذا الطفل هو الذي
سيكون هلاك ملكه علي يديه ..ثم بحثت آسية للطفل عن مرضعة .. فجاءت أمه وأرضعته دون أن يعلم أحد أنها أمه .. ثم تربي
موسي في قصر فرعون مع السيدة آسية حتي صار شاباً قوياًُ ..
وذات يوم رأي موسي رجلين يتشاجران إحداهما مصري والآخر من بني إسرائيل ، فاستغاث الاسرائيلي بموسي فوكز موسي المصري فقتله
خطأ فندم موسي علي ذلك وتاب إلي الله ولكنه علم أن فرعون وجنوده لن يتركوه وأنهم يبحثون عنه ففر هارباً إلي مدين .. وهناك رأي
فتاتين تسقيان الغنم فسقي لهما ، فأرسل إليه أبوهما يستدعيه ليكرمه فجاءه موسي فزوجه الرجل إحدي ابنتيه ، وعمل موسي معه عشر
سنوات وبعدها أخذ أهله وخرج من مدين يريد العودة إلي مصر .. فلما وصل عند جبل الطور أنزل الله عليه الوحي وكلمه وجعله
رسولاً إلي بني إسرائيل وإلي فرعون وقومه ، وأخبره أن أخاه هارون سوف يكون معه ، فهو نبي ورسول مثله .. فذهب موسي عليه
السلام إلي هارون وذهبا معاً إلي فرعون ودعا موسي عليه السلام فرعون وطلب منه ان يترك بني إسرائيل ، وأراه الآيات والمعجزات التي
أيده الله بها ، حيث أراه العصا التي تنقلب حية بقدرة الله وأخرج له يده فرآها بيضاء ناصعة تخالف لون جلده الأسمر ولكن فرعون كذب
موسي ورفض دعوته وحاربه وراح يعذب كل من آمن به من المصريين أو من بني إسرائيل ..
هلاك فرعون
ظل فرعون فى عناده وكبره .. ولم يؤمن رغم الآيات التي رآها .. وادعي أنه إله من دون الله .. فأمر الله عز وجل موسي
عليه السلام أن يخرج بقومه من مصر ليلاً فجمع موسي عليه السلام قومه ذات ليلة وقد استعدوا للرحيل وخرجوا متوجهين ناحية البحر
الأحمر قاصدين أرض الشام فلما علم فرعون بذلك غضب أشد الغضب وجمع جنوده وأسرع يعدو خلف موسي عليه السلام ومن معه ..
ومع طلوع الشمس كان المصريون قد اقتربوا من بني إسرائيل فخاف أصحاب موسي وقالوا : إنا لمدركون ..
فقال لهم موسي عليه السلام : لا يوحي إلي تخافوا ولا تفزعوا وتوكلوا علي الله إن كنتم مؤمنين واعلموا أن معي ربي سيهدين وسوف
يوحي إلي بطريق النجاة . فأوحي الله عز وجل إليه أن يضرب بعصاه البحر فانفلق البحر بإذن الله وسار الماء علي اليمين والشمال كأنه
جبلان عظيمان بينهما طريق يابس فأمر موسي بني إسرائيل أن يعبروا الطريق فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين وعندما خرج أخر واحد منهم
إلي كان جيش فرعون قد اقترب من البحر فظن فرعون أن الطريق ممهداً له أيضاً فاقتحم بفرسه فى ذلك الطريق فلما رأته الجنود قد سار
فيه ساروا وراءه حتي أصبح أولهم قريباً من الشاطئ الشرقي واخرهم قريباً من الشاطئ الغربي ..فأمر الله عز وجل البحر أن يعود كما
كان فأطبق عليهم المساء من كل مكان فغرقوا جميعاً ولم ينج منهم إنسان ثم أمر الله عز وجل البحر أن يقذف جسم فرعون خارج الماء
ليكون عبرة لكل ظالم متجبر بعده .. ونجي الله عز وجل موسي ومن آمن معه .
المجتمع الجديد
بعدما خرج موسي عليه السلام ببني إسرائيل من مصر اتجه بهم إلي الشام ، وبدأ فى تنظيم المجتمع الجديد .. فراح يعلم قومه شرائع
الدين الحنيف ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر .. وقد لاقي منهم الكثير والكثير من التعب والمشقة والجهل والعناد وذلك بسبب فسوقهم
وحبهم للضلال والفساد ..ومحاولتهم الدائمة للخروج عن منهج الله ..
وقد مكث بنو إسرائيل فى الشام سنوات وسنوات وكثرت فيهم الشرور والأثام فكثر فيهم الزني والربا والقتل والسرقة .. فلما رأي موسي
كثرة القتل ، اتفق علي أن يتحمل دية القاتل أقرب الناس إلي مكان القتيل فإذا رأي قتيلاً قريباً من ديار قوم أغرمهم ديته .. وإذا وجد
قتيلاً بين قريتين قاسوا المسافة بينهما .. فإلي أيتهما كان أقرب غرمت ديته ..
وكان في بني إسرائيل جماعة صالحون لما رأوا كثرة الفساد في قومهم اعتزلوهم .. وبنوا لأنفسهم مدينة خاصة بهم .. وكانوا إذا جاء
الليل لم يتركوا أحداً منهم خارج المدينة ..وأغلقوا عليهم باب المدينه حتي لا يتهمهم أحد بسوء .. فإذا ما أصبحوا خرجوا وعايشوا
الناس فى البيع والشراء حتي يمسوا .. ثم يعودون إلي مدينتهم فى سلام وأمان ..
جريمة قتل
كان
فى بني إسرائيل شيخ كبير اسمه عاميل ، يملك الكثير من المال .. وليس عنده
إلا ابنة واحدة ..وكان هذا الرجل شديد البخل والحرص .. يتعامل بالربا ..
ولا
ينفق من ماله أبداً .. وكان بنو أخيه فقراء ، لا مال لهم .. فكان لا
يعطيهم شيئاً وكان أحدهم اسمه أحيحة ، وكان يحب ابنة عمه عاميل وهي تحبه
وكان يريد أن يتزوجها
ولكن عاميل رفض أن يزوجها
له ، وطرده من بيته وأهانه ، فاغتاظ أحيحة وحقد علي عمه ، زتمني موته ..
فوسوس له الشيطان بأن يقتله وزين له ذلك وأوحي إليه أنه إذا قتله
سوف
يرث ماله ويتزوج ابنته .. فراح يدبر كيف يقتله دون أن يعلم أحد ..فذهب
إليه ذات ليلة وطلب منه أن يذهب معه إلي المدينة المجاورة لأن بعض التجار
ينتظرونه
هناك وسيعطيه نظير ذلك الأموال التي
يأخذها منهم ليتاجر لهم فيها .. فوافق عاميل طمعاً فى المال .. وخرج معه
.. فلما اقتربوا من مدينة الصالحين قتله أحيحة
ووضعه
علي باب تلك المدينة الصالحة .. وذلك ليتحملوا ديته ..واختفي هو خلف شجرة
..فلما جاء الصباح فتح أهل المدينة الصالحة باب المدينة ، فوجدوا القتيل
علي
الباب .. ففزعوا .. وانتشر الخبر .. فأسرع أحيحة وأخوته إلي مكان عمهم
عاميل .. واتهموا أهل المدينة الصالحة بأنهم قتلوه .. ولكن اهل القرية
أقسموا
بالله انهم لم يقتلوه .. فزاد النقاش والإتهام بينهم .. وكادت أن تكون
فتنة كبيرة .. وحمل الجميع السلاح .. وكادوا ان يقتتلوا .. فقام شيخ كبير
من بني
إسرائيل وحجز بين الفريقين .. ومنعهم
من القتال وقال لهم : ياقوم ضعوا السلاح ، لا يقتل بعضكم بعضاً ، إن بيننا
كليم الله موسي عليه السلام فلنذهب إليه ، ونطلب منه
أن
يكلم ربه ليخبرنا بمن قتل عاميل . فوافق أهل المدينة علي ذلك الرأي وحاول
أحيحة أن يرفض ذلك الرأي ، وقال : لن يعلم موسي شيئاً ولن يعرف القاتل ،
ولاشك أن أهل
هذه المدينة هم الذين قتلوا عمي ،
فقد وجدناه مقتولاً علي باب مدينتهم ، ولكن الرجل الحكيم قال له : بل نذهب
إلي نبي الله موسي عليه السلام ، فرب موسي يعلم ويعرف القاتل
وموسي
لا يكذب فلم يستطع أحيحة أن يفعل شيئاً ، ووافق جميع الحاضرين علي ذلك ،
فاصطحبهم الشيخ إلي حيث يوجد نبي الله موسي عليه السلام ليطلبوا منه أن
يدلهم علي قاتل
عاميل حتي تنتهي هذه الفتنة الكبيرة ..
الغلام اليتيم
حينما
حدثت فتنة قتل عاميل كانت هناك أسرة مؤمنة من بني إسرائيل تتكون من غلام
يتيم وأمه وكان والد الغلام قد توفي .. وترك زوجته ليس عندها غير بقرة
كانت ترعي في
المراعي والحدائق .. فقد اشتراها
الرجل قبل موته ، وقال لزوجته :لقد اشتريت هذه العجلة لابننا نربيها له ،
فإذا ما كبرت انتفع بها فلما شعر الرجل بدنو أجله قال لزوجته:
إنني
أشعر أني سأموت وأنت لن تستطيعي أن ترعي العجلة بعدي فأري أن تذهبي بها
إلي المراعي البعيدة وتتركيها وديعة عند الله الذي لا تضيع ودائعه وسوف
يحفظها الله لابننا
حتي يكبر فإذا كبر فأبلغيه بأمر البقرة واطلبي منه أن يبحث عنها ، فسوف يجدها إن شاء الله ..
فلما
كبر الغلام قالت له أمه : يابني تعال .. اجلس بجواري فجلس الشاب بجوارها
فضمته إليها ومسحت علي رأسه وقالت له : يابني إن أباك قد اشتري لك عجلة
وأنت
صغير قبل أن يموت وأخذ يرعاها حتي تقدمت
به السن ولم يستطع أن يرعاها وشعر بدنو اجله فتركها لك وديعة عند الله
وأطلقها فى الحدائق والمراعي ، وسأل الله أن يحفظها لك
فاذهب
يابني وابحث عنها ، فقد تجدها ببركة والدك وبركة رضاى عنك فقال لها الشاب
: وماذا كان لون هذه العجلة ياأمي ..؟ فقالت له : كانت صفراء لامعة فخرج
الشاب إلي المراعي والوديان يبحث عن بقرته الصفراء ..
جدل .. ومراوغة
سار
الشيخ الكبير مع بني إسرائيل إلي موسي عليه السلام ليطلبوا منه أن يخبرهم
عن قاتل عاميل فلما وصلوا إليه قال أهل القتيل : يانبي الله إن وجدنا عمنا
مقتولاً عند باب مدينة
هؤلاء القوم .. فلابد
ان نأخذ ديته منهم . فقال أهل المدينة : يانبي الله ، قد عرفت أننا
اعتزلنا الناس ، وابتعدنا عن المعاصي والشرور ، والله ماقتلناه ولا علمنا
من قتله
فقال الشيخ الكبير : ياموسي انت نبي
الله وكليمه فسل لنا ربك ان يبين لنا القاتل ..فقام موسي عليه السلام ودعا
الله عز وجل أن يخبره عن القاتل فأوحي الله إليه أن يأمرهم
بذبح
بقرة قال تعالي : وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا
قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ .. البقرة 67 .
فلما
أمرهم موسي عليه السلام بذلك اعترضوا وقالوا : ياموسي نسألك أن تدعو ربك
يخبرنا عمن قتل عاميل وأنت تأمرنا بذبح بقرة أتسخر منا ياموسي ..؟
فقال
موسي عليه السلام : ياقوم إني رسول الله إليكم لا يجوز لي أن أسخر بكم .
فقالوا: إذا كان ربك يأمرنا بذبح بقرة ، فما هي هذه البقرة إن البقر كثير
فاطلب
من ربك ان يحدد لنا البقرة التي يريد أن يذبحها .
وهنا
عرف موسي عليه السلام ان قومه يريدون الجدال والمراوغة ويحاولون العصيان
والهروب من أمر الله لأنهم لو أرادوا الطاعة لذبحوا أي بقرة فكان يكفيهم
ذلك ولكنهم كعادتهم
دائماً ..أهل غدر وجدال
ومراوغة .. وتأكد موسي عليه السلام أنهم بذلك يشددون علي أنفسهم ..
وبالتالي فسوف يشدد الله عليهم فذهب موسي عليه السلام وسأل الله
أن
يحدد لهم البقرة المراد ذبحها فأخبره الله عز وجل أنها بقرة متوسطة العمر
ليست كبيرة السن ولا صغيرة السن ، قال تعالي : قَالُواْ ادْعُ لَنَا
رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا
بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ
مَا تُؤْمَرُونَ ..البقرة 68 ..
فلما أخبرهم
موسي عليه السلام بذلك وجدوا ان البقر المتوسط العمر كثير فوقعوا فى حيرة
شديدة ، وسألوا أنفسهم : أي بقرة تكون فى هذا الكم الهائل من البقر
المتوسط ..؟
ثم عادوا يسألون موسي عليه السلام
ويقولون له : ياموسي إننا وقعنا فى حيرة كبيرة نريد تحديداً أكثر من ذلك
أسأل ربك يبين لنا ما لون البقرة المقصودة ..
البقرة الصفراء
سأل
موسي عليه السلام ربه للمرة الثالثة أن يحدد لهم لون البقرة ، فاخبره الله
عز وجل أنها صفراء اللون .. فلما أخبرهم بذلك وجدوا البقر الأصفر كثير
أيضاً فإزدادت
حيرتهم وأحسوا بالندم وعادوا
يسألون موسي عليه السلام أن يحدد لهم البقرة تحديداً أكثر من ذلك وقالوا
:قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ
تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ .. البقرة
70 .
فلما قالوا : إن شاء الله . حدد الله عز
وجل لهم البقرة تحديداً دقيقاً لا ينطبق إلا علي بقرة واحدة فأخبرهم أنها
بقرة لا تعمل ، فلا تحرث الأرض ولا تسقي الزرع سالمة
من
العيوب ، ليس لديها فيها لون يخالف لونها الأصفر ، قال تعالي : قَالَ
إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ
تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ .. البقرة 71
فلما حدد لهم ذلك قالوا الآن جئت بالحق ثم قاموا يبحثون فى المراعي والوديان عن هذه البقرة ..
وأثناء
ذلك كان الشاب يبحث عن بقرته .. فرأي بقرة صفراء واقفة لا تتحرك .. وفيها
نفس المواصفات التي ذكرتها له أمه .. فاقترب منها .. فلم تخف ولم تهرب
وظلت
مكانها كأنه صاحبها الذي تأنس به .. فأمسك بقرنها .. وسار بها .. فسارت
معه حتي وصل بها البيت ، فرأتها أم الغلام وعرفتها ، وقالت : الحمدلله الذي
رد
علينا وديعتنا هذه بقرتك وبقرة أبيك وفى اليوم التالي .. خرج الغلام
بالبقرة إلي المراعي .. فرآها بنو إسرائيل .. ووجدوا الأوصاف تنطبق عليها
تماماً فأسرعوا
إلي الغلام وطلبوا منه ان
يعطوه أحسن بقرة يختارها علي أن يترك لهم هذه البقرة ، ولكن الغلام رفض
فطلبوا منه أن يذهب معهم إلي نبي الله موسي عليه السلان فوافق ، وذهبوا
جميعاً إلي موسي عليه السلام ومعهم بقرة الغلام الصفراء ..
إحياء القتيل
وجد
موسي عليه السلام أن بقرة الغلام هي صاحبة الأوصاف المطلوبة فقال للغلام :
أعطهم بقرتك .. فقال الغلام : يانبي الله أنا يتيم ، وهذه البقرة هي كل
مالى وأنا أحق
بمالي .. فقال له موسي عليه
السلام : صدقت . ثم قال للقوم : أرضوا الغلام . فلم يرضي الغلام إلا بوزن
البقرة ذهباً فغرم بنو إسرائيل ذلك المال جزاء عنادهم
وجدالهم .. واخذ الغلام الذهب مكافأة من الله علي طاعته وطاعة والدية الصالحين ..
ثم
أوحي الله عز وجل إلي موسي عليه السلام ان يذبحوا البقرة ويأخذوا منها
جزءاً ويضربوا به القتيل ، ففعلوا فأحيا الله عز وجل القتيل .. فقام والدم
يسيل منه وأخبرهم أن
الذي قتله هو ابن أخيه
طمعاً فى ماله والزواج من ابنته .. ثم مات مرة أخري .. فأمسك بنو إسرائيل
بالقاتل ، ورجموه بالحجارة حتي قتلوه ..وكانت قصة البقرة هذه
معجزة عظيمة من المعجزات ، تدل علي قدرة الله عز وجل الذي يحيي الموتي وهو علي كل شئ قدير قال تعالي :
وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ
فَقُلْنَا
اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ
آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ .. البقرة 72-73 ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
الخبير- عضومميز
-
عدد المساهمات : 108
النقاط : 288
تاريخ التسجيل : 06/11/2009
مواضيع مماثلة
» سبحان الله ثعبان يسحب بقرة
» من قصص القرآن ( عجل السامري )
» من قصص القرآن (قارون وكنوزه)
» من قصص القرآن ( زكريا عليه السلام )
» من قصص القرآن ( عيسي عليه السلام )
» من قصص القرآن ( عجل السامري )
» من قصص القرآن (قارون وكنوزه)
» من قصص القرآن ( زكريا عليه السلام )
» من قصص القرآن ( عيسي عليه السلام )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى